التدوين في عام 2021

هذه التدوينة تهدف لشرح توجهات المدونة والبداية الجديدة بعد سنوات طويلة من التدوين في مدونة خاطرة بيضاء. ولماذا في هذا التوقيت قررت إغلاق مدونة خاطرة بيضاء التي إستمرت لمدة ١٤ سنة؟

أحمد الشمراني
أحمد الشمراني

جدول المحتويات

أهلاً بالعام الجديد. هذه السنة ستكون حافلة بالقرارات الشخصية التي أتمنى أن تساهم في صناعة الفائدة ونشر المعرفة لمن حولي. لسنوات طويلة كتبت في مدونة خاطرة بيضاء، للأهل والأحباب والأصدقاء، والحمد لله من 2006 إلى اليوم لاقت صدى جميل. ولهذا السبب قررت في العام الجديد أن ابدأ الكتابة في مدونة أحمد والتوقف عن الكتابة في مدونة خاطرة بيضاء. بالنسبة لي، يعتبر قرار صعب جداً بحكم السنوات الطويلة التي ارتبطت فيها بمدونة خاطرة بيضاء، فهي بعد الله سبحانه رزقتني بالكثير من الفرص وتعرفت على شخصيات مميزة عن طريقها. ولن أنسى أول عرض وظيفي حصلت عليه في شركة سابك أثناء دراستي الجامعية، وكان سر الجذب هو كتاباتي في تلك الفترة. للأمانة المدونة فتحت أمامي آفاق جديدة في التعلم والبحث والتعرف على العالم، وبالتأكيد على مستوى شخصي صنعت من خلالها الكثير من الذكريات التي ستبقى دائماً وأبدا الوقود الذي يدفعني للعطاء.

ربما السنوات الماضية بدأت بالكتابة بصورة أقل، والتدوين لم يعد مغري كما في السابق، ولكن أحد المؤثرات القوية التي أشعلت فيني الحماس هو تواجد والدي في مدونته الشخصية وكتاباته المستمرة لسنوات طويله، واستمراريته في الكتابة صنعت أرشيف ضخم وجدت فيه إرث معرفي وذكريات كثيره نحن جزء منها. والدي يكتب دائماً باستمرار ويحرص على تصوير اللحظات المميزة في حياته ويسارع في نشرها مع كتابة قصة مميزة حول الصورة لتبقى المشاعر والصور محفوظه على شكل تدوينه، ويقوم بعدها بمشاركتها مع الأحباب والأقارب.

التدوين في عام 2021

السبب الرئيسي للتوقف عن الكتابة في مدونة خاطرة بيضاء هو الرغبة في بداية جديدة وتجربة أسلوب مختلف في التدوين ومشاركة التجارب. من يعرفني شخصياً سيرى دائماً أن لدي رغبة في الكتابة ولكن كثرت متابعتي للشبكات الاجتماعية صنعت رغبة في الاختصار والبُعد عن مناقشة الأفكار والتجارب بشكل تفصيلي. للأمانة لست من مُحبين الشبكات الاجتماعية لكن المجتمع حولي هو من يفرض على التكيف والتعايش في هذا العالم. ولا أُنكر أن هناك عقول وأفكار مميزة متواجدة بشكل فعّال في الشبكات الاجتماعية، فقد كنت في السابق اقضي ساعات طويلة في المتابعة، وتوسعت في القراءة إلى أن قارب عدد الذين أتابعهم فوق 10 آلاف حساب من خلال تويتر، لنكدإن، إنستقرام، سناب شات، بالإضافة إلى قنوات اليوتيوب، وبرامج البودكاست. والحمد لله الفترة الأخيرة أصبح تواجدي محدود جداً في الشبكات الاجتماعية، وهنا بدأت في تأمل المراحل التي مررت فيها أثناء تواجدي المكثف الغير منقطع في السنوات الماضية، وهذه المراحل كالتالي:

المرحلة الأولى: قراءة كل المكتوب 📰

هذه المرحلة هي مرحلة الضياع وتعرف أيضاً بالقراءة الشمولية، فهذه المرحلة تحاول متابعة الجميع، وأي شخص كتب تغريده مفيدة تقوم بمتابعته على أمل الحصول على المزيد من الفائدة، وينتهي بك المطاف بمتابعة ألف حساب على تويتر أو الأنستغرام، وتبدأ في الحصول على سيل كبير من المعلومات وهنا يولد لديك شعور بالمسئولية تجاه عقلك أن تغذيه بالمواد المفيدة والأفكار الجديدة ولكن عملية تصفية المعلومات ستكون مرهقة وستجد نفسك قمت بإضاعة الكثير من الساعات في قراءة كل تغريده على أمل أن تكون ملم ومتابع لكل شيء، وهذا الأمر صعب ومتعب جداً.

المرحلة الثانية: القراءة العشوائية 👀

عند خروجك من المرحلة الأولى، ستدخل في مرحلة قلة التركيز في القراءة وسيكون القرار في هذه المرحلة هي القراءة العشوائية. المهم في هذه المرحلة هو متابعة العقول التي تنشر كل ما هو مفيد، وتكون متأكد في قرارة نفسك أن أي محتوى مميز ويستحق القراءة سيظهر أمامك وسيتداوله الناس بشكل متكرر عند قراءتك العشوائية. هذا النوع من القراءة مريح والشعور بالمسئولية أقل من قراءة كل المكتوب، ولكن لا يوجد نظام واضح في القراءة، وكمية الفائدة تعتمد على مزاج المتابعين لديك وحبهم للمشاركة، وستكتشف في وقت متأخر أن العشوائية لها تأثير قوي على عقلك لأن صاحب أو صاحبة القراءة العشوائية لا تجد لديه هدف واضح في تصفح الشبكات الإجتماعية، والفوضى هي شعاره في هذه المرحلة!

المرحلة الثالثة: القراءة الاختيارية 🎯

قليل جداً من يمر على هذه المرحلة، وقد مررت فيها أكثر من مرة، وكل مرة أعود لهذه المرحلة يكون لدي اهتمامات وشغف مختلف. في هذه المرحلة يكون لديك قائمة متابعين خاصة، تحرص على قراءة كل تغريداتهم، وتؤمن أنهم أصحاب فكر يضيفون لعقلك الكثير من الثقافة والوعي. ومنهم من يكون في مرحلة التعلم، وتكون رحلته في التعلم شيقة جداً ويشدك أسلوبه واندهاشه من الأفكار الجديدة. أحب هذه المرحلة، لأن الفائدة تكون مركزة جداً ويكون الهدف جداً واضح ومستوى استهلاك المعلومات صحي لأنها كميات قليلة وعائد معرفي كبير جداً.

المرحلة الرابعة: القراءة المنظمة 🔍

تعتبر هذه هي المرحلة الملكية كما سماها الكاتب الدكتور خالد المنيف في كتابه. هي المرحلة التي تكون فيها القراءة منظمة وإدارة تدفق المعلومات الضخم يكون بميزان محدود ومعلوم، وعادة أصحاب القراءات المنظمة تكون أهدافهم واضحه، وإذا تم تحقيق الهدف تجده يبحث عن مصدر آخر للمعلومة. وعادة تجد أن قائمة المتابعين  الخاصة به هم من أصحاب الخبرات العالية  في الحياة، ومعروفين بغزارة العلم والمعرفة. قليل من وجدتهم يتبعون هذا النهج، فالغالبية العظمى أجدهم ما بين القراءة العشوائية أو الاختيارية. في النهاية هذه نظرتي

هي (مرحلة) يمتلك فيها الإنسانُ حياته، (مرحلة) تتسع فيها المدارك وتبعد فيها النظرة ويتسع فيها الصدر، (مرحلة) تتشكّل بعد جملة من الخبرات وسلسلة من التجارب وكمٍ من المواقف يتعامل صاحبها معها بعقل واعٍ وفكر يقظ فيتعلم منها أشياء جميلة وإن أتت متأخرة! ولكن أن تصل متأخراً خير لك من أن لا تصل!

من كتاب "المرحلة الملكية" للكاتب الدكتور خالد المنيف

مراحل التدوين

نعود إلى مدونة أحمد، بدأت بالتفكير مؤخراً بإنشاء مدونة تحمل اسمي أحمد، الاسم الذي رافقني منذ الولادة واختاره لي والدي عثمان الشمراني. هذه المدونة ستكون ذات طابع شخصي وخليط من الخبرات العملية والقراءات في مختلف المجالات. قرأت قبل أسبوعين كتاب جميل اسمه Show Your Work كتاب غير بعض المفاهيم لدي، الكتاب يتحدث عن المشاركة في الحياة والطرق المُتعددة التي يمكن أن نظهر أفضل ما لدينا للعالم، وأن نكون أي شخص يمكن أن نحلم به. ذكرَ مؤلف الكتاب أن كل إنسان يجب عليه أن يكون لديه مساحة خاصة في هذا الزمان يستعرض فيها أفكاره وأعماله لأن عدم التواجد على الإنترنت معناه أنك لست موجود في العالم! وأيضا، ذكر أن صرعة الشبكات الاجتماعية غير مستمرة،وأنها من الممكن أن تختفي وتظهر شبكات جديدة، لهذا السبب كان دائماً يحرص على أن يكون لكل شخص موقعه الإلكتروني الخاص به بعيداً عن الشبكات الاجتماعية.

الكتاب قرأته في جلسة واحدة فقط، عدد صفحاته 100 صفحة تقريباً. الجميل في هذا الكتاب أنه يحاكي واقع تفكير الفرد الذي يتصفح الشبكات الاجتماعية والإنترنت بشكل يومي، وينبهر بمن يتابعهم ويراهم بشكل يومي على الإنترنت. في الحقيقة أن فكرة الشبكات الاجتماعية قائمة على المشاركة، ولا يجب أن تكون عبقري لتشارك أفكارك وتجاربك، فالكل يقوم بنسخ الأفكار ووضعها في قالب مختلف ويقوم بإعادة نشرها مرة أخرى. يحاول الكاتب من منظوره إثبات أن جميع الأفكار الإبداعية التي نراها اليوم، هي ليست أفكار مميزة أو خارقة للعادة، هي في النهاية مجرد أفكار تم جمعها من مصادر مختلفة والاجتهاد الفعلي هو فقط بصناعة الرابط القوي بين مجموعة أفكار وإعادة صياغتها كأنها فكرة واحدة قمت أنت فقط بصناعتها :)

الكتاب غير الكثير من أفكاري ونظرتي للمشاركة، ولهذا السبب قررت أن أخذ منعطف جديد في المشاركة، والبدء في الكتابة لكم من باب نشر الفائدة، وإحياء روح الكاتب الكسول الذي في داخلي. وسبب آخر هو الرغبة في ممارسة الكتابة العربية التي بدأت أشعر أنها بدأت تضعف لدي كثيراً. المحزن الفترة الأخيرة أنني أقوم بالقراءة كثيراً ولكن للأسف لا توجد ممارسة للمحصول اللغوي المكتسب، فأفضل طريقة لتطوير الكتابة هو الكتابة المستمرة!


إقتباس من الكتاب:

It sounds a little extreme, but in this day and age, if your work isn’t online, it doesn’t exist. We all have the opportunity to use our voices, to have our say, but so many of us are wasting it. If you want people to know about what you do and the things you care about, you have to share.

الهدف من التدوين

في النهاية الهدف من التدوين هو نشر المعرفة وتوثيق التجارب ومشاركة الأفكار والاهتمامات. ممارسة التدوين بشكل مستمر هو أحد أهدافي لعام 2021، مهما طال الانقطاع دائماً يحملني الشوق للكتابة والمشاركة. أفرح كثيراً كلما وجدت مدونة شخصية تحكي قصة وتروي تجربة، هذه هي الثروة المعلوماتية التي تستحق الاهتمام.

في مدونة أحمد سأكتب عن تجارب مختلفة في حياتي الاجتماعية والعملية، بالإضافة إلى مواضيع منوعة عن كيفية تحسين الإنتاجية في الحياة والعمل، وسأقوم بنشر خبراتي في مجال الموارد البشرية وتقنية المعلومات. الهدف الرئيسي هو الاستمرار في المشاركة، ومتأكد أنني سأجد الدعم خاصة المجتمع حولي في مواصلة التدوين ونشر الفائدة.


نراكم في التدوينية القادمة، وأدعوكم للاشتراك في النشرة البريدية قصاصات الخميس.

علمتني الحياة 🧠كتب للقراءة 📚الموارد البشرية 🔑صورة وذكرى 📸أفكار قصيرة 💡الإنتاجية 🚀

أحمد الشمراني Twitter

أحمد الشمراني بدأ التدوين من عام 2006 في مدونة خاطرة بيضاء، من أوائل المدونين السعوديين في تلك الحقبة الزمنية. طالب علم في هذه الحياة، مُتخصص في إدارة الموارد البشرية. مُبتعث سابق لبلاد العم سام.